تسمية ماسة وتاريخها
لاقة الزاوية بالسلطة المركزية
من خلال الرسائل التي تداولت بين السلطات أو المسؤولين السعديين ومرابطي رباط ماسة نصل إلى تحديد تلك العلاقة التي اتسمت بالإخاء و العطف والعناية ذلك أن الحكومة السعدية تقدر الشرفاء والعلماء وترفع من شانهم كما تخول لهم امتيازات اجتماعية واقتصادية كتحريرهم من جميع المطالب المخزنية والمفارم وسائر الكلف المفروضة على جميع السكان كما إن الشرفاء و رجال الزوايا يعفون من جميع الوظائف المخزنية و الكلف السلطانية مما جعلهم يحظون بتأييد تلك الفئات الدينية كما إن من حاول انتهاك حرمة هؤلاء المرابطين سوف يلقى المصير المشئوم
بمجرد وفاة السلطان احمد المنصور الذهبي تراكمت مجموعة من الأسباب أدت بالضرورة إلى تقسيم البلاد إلى كيانات سياسية مستقلة, و بالتالي الرجوع بالبلاد إلى ما كانت عليه أثناء الانهيار الو طاسي وإذا كان المجتمع السوسي هو الأول الذي ناصر هذه الدولة وأمدها بالمتطوعين والأموال فانه ليس من الصعب إن يفكر وافي إنشاء دولة جديدة تقوم على أنقاض الدولة السعدية بعدما تبين للعوام بوادر الانحطاط والانهيار. وبالطبع ساهمت هذه الأسباب في تقلص مجال السعديين وبالتالي فتح المجال أمام محولات الانسلاخ من الإمبراطورية خصوصا تلك التي كان هدفها الأساسي هو الدافع الديني ومن بينها الحركة العياشية بالشمال وأبو حسون السملالي بالجنوب إن ظهور إمارة ايليغ على مسرح الأحداث السياسة في القطر السوسي بالجنوب المغربي له تأثير واضح على ماسة حيث اتخذها أبو حسون كمحور تجاري حيوي وذلك نتيجة اعتبارات إستراتيجية مكونها تتوفر على مرفأ مهم الشيء الذي سيساعد على ازدهار الحركة التجارية ثم كذلك بفضل طبوغرافية المنطقة التي تتوفر على أراضي زراعية خصبة وعلى شبكة هيدروليكية دائمة الجريان . عموما إن استيلاء أبو حسون على مرفأ ماسة أحدت تحولا كبيرا، فسرعان ما انفتحت المنطقة على التجارة الدولية وجاء في إيليغ قديما وحديتا ما نصه: "...وقد فتح بودميعة مرسى ماسة لمقايضة تجارة أوربا..."يفهم من النص إن المنطقة أصبحت في علاقات تجارية مع مختلف الدول الأوربية خاصة هولندا وانجلترا و فرنسا
لقد بنا العلويون دولتهم على أساس مادي و معنوي ، هذا الأخير يمثل في النسب الشريف و الذي مكنهم من تكوين دولتهم، مع العلم أنهم واجهوا وضعية جد مضطربة اقتصاديا و اجتماعيا إضافة إلى تقسيم البلاد بين عدة قوى مختلفة إلا أن العلويين استطاعوا في نهاية المطاف توحيد المغرب . وبذلك حققوا أمالا طالما تطلعت إليها البلاد وقد اعتبر المولى الرشيد السلطان الذي استطاع تطهير البلاد حتى قضى مدة حكمه في القضاء على تلك الإمارات المتعددة مستغلا العياء الذي أصاب بعضها خاصة الدلائين و السملالين و إذا كانت ماسة والقطر ألسوسي عامة تحت نفوذ السملاليين منذ بداية القرن السابع عشر فان المولى الرشيد تمكن من طرد السملاليين وتحرير السوس وذلك بالاستيلاء على ايليغ 1081 ه . و في ذلك يقول الناصري: " فلما كانت سنة 1081ه غزى المولى الرشيد رحمه الله بلاد السوس فاستولى على تارودانت رابع صفر من السنة و أوقع بهشوكة فقتل منهم أكثر من ألف و خمسمائة و أوقع بأهل الساحل فقتل منهم اكتر من أربعة آلاف و أوقع بأهل قلعة ايليغ دار ملك أبي حسون فاستولى عليها في مهل ربيع الأول من السنة " منذ هذا التاريخ دخلت ماسة مرحلة جديدة إذ ظلت تابعة للحكم العلوي بذلك ستدخل مرحلة ازدهار و العناية من طرف السلطان المولى إسماعيل تشير المصادر الأجنبية إن قبيلة ماسة خضعت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي بتنظيمين قانونيين متباينين أولهما الشرع الإسلامي والذي يحاول الإجابة على الأسئلة المتعلقة بالأحوال الشخصية والإرث والعقود والتاني هو العرف القبلي الذي يستمد خصوصيات العامة من القبيلة .واستطاعت هذه الأعراف الإحاطة بالجوانب الأساسية و ذلك ضمن بنود تنظيمية تهدف إلى المحافظة على سلامة الممتلكات وسن نوع من المساواة. ويسهر "المقدمين " بأمر من القائدين و الرؤساء المحليين على حسن تطبيقها و الامتثال لها.
عرفت ماسة ثلاثة أعراف كل واحد خاص بمنطقة جغرافية فهناك عرف اغبالو (109 بند) وعرف تاسنولت وعرف اداوموط . هذه الأعراف مكتوبة بالامازيغية على ألواح غير أن الفقهاء قاموا بترجمة تلك الأعراف إلى اللغة العربية .إلى حدود النصف الثاني من القرن 19 مايزال العرف يشكل المسطرة القانونية للقبيلة.
لا يمكن الحديث عن قبيلة ماسة خلال القرن 19 م دون ذكر الحروب التي أصبحت عادية سواء ضد القبائل المجاورة أو الحروب الأهلية.و تتميز هذه الحروب بكونها لا تخضع لأي ضوابط قانونية حيث يشير روبير مونطاني إلى عدم وجود زعيم يقود الحروب و أن كل من تزعم إحدى الحروب يقتل . و فيما يتعلق بالحروب مع القبائل المجاورة التي أشار إليها المختار السوسي أنها وقعت سنة 1895 م/1276 ه بين الماسيين من جهة و بين الجازولين و الازغاريين من جهة أخرى و تميزت هذه الحرب بالعنف و انتهت بانتصار القوة الماسية حيث جندوا لذلك كل طاقتهم المادية و المعنوية .لقد استغرقت هذه الحرب 7 سنوات.
ونشير إلى أن البحث في أسماء الأماكن بمنطقة ماست عمل يحتاج إلى كثير من العمل والعناء بسبب شساعة الرقعة الجغرافية وكثرة الأسماء وتنوعها. وبذلك اقتصرنا فقط على عينة بسيطة منها خاصة تلك التي تهم المسالك والطرق والمياه والعيون. وكان هذا الاختيار مؤسسا على التنوع الكبير والغنى الذي يميزها عن باقي المجالات الأخرى خاصة في الشق المتعلق بالمجاري المائية والمناطق البحرية.
المتن
لقد اعتمدنا أساسا في هذه الدراسة على معرفتنا الشخصية للأماكن باعتبارنا من مواليد منطقة ماست. لكن ذلك لم يعوزنا من المعاينة الميدانية للأماكن المدروسة للإطلاع على خصائصها الطبيعية من تضاريس وغطاء نباتي وهي معلومات مهمة تساعد الباحث على تكوين فكرة عن المكان وتكون له سندا في محاولة تفسير معنى أسماء هذه الأماكن.
لكن المرجع الأساسي يبقى الرواية الشفوية لكونها مصدرا مهما وخزانا ثقافيا وتاريخيا. ففي غياب المراجع أو نقصها وعدم اعتماد المؤرخين على الرواية الشفوية التي تحتفظ بالكثير من المعلومات التي ما زالت لم تدون إلا في ذاكرة السكان، التجأنا إلى مقابلة السكان وخاصة الفلاحين والمسنين رجالا ونساء أفادونا في تفسير أسماء الأماكن وفي علم النباتات التي تزخر بها منطقة ماست.
أما المصادر الأخرى مثل الخرائط والعقود والوثائق فلم نتمكن من استعمالها أو الاستئناس بها نظرا لعدة أسباب كصعوبة التوصل إليها و طول المسطرة الإدارية وخاصة ضيق الوقت.
المسالك والطرق
Asaka wdvar 1
مسلك يقع بمدشر أغبالو بماست على وادي ماست، جماعة ماست، حيث تقوم الساكنة بعبور النهر راجلين من هذا المكان وذلك لقلة منسوب المياه به.
ويتكون هذا الاسم من كلمتين: الأولى Asaka وهو اسم مكان مشتق من الفعل kk الذي يفيد العبور والاجتياز والعلامة المورفولوجية الدالة على كونه اسما للمكان هي asa ( asaCa ). ونقول إن جميع الممرات الموجودة على نهر ماست بدون استثناء يطلق عليها هذا اللفظ. كما تجدر الإشارة إلى وجود مدخل معجمي مشابه وهو isiki ويراد به القطعة الأرضية التي لم يتم حرثها ولا زراعتها: iger lli issakin ويعني الحقل الذي لم يستغل أو غاب عنه الاستغلال. و ssiki فعل دال على صيغة التفعيل ومعناه ‘’لم يتناول (وجبة مثلا)، غاب عن... ويمكن أن نقول بأن هذا المدخل المعجمي ينتمي إلى المشترك اللغوي بين التحققات المختلفة للغة الأمازيغية خاصة في لهجات المغرب الأوسط وجنوب الريف.
والثانية udvar وتعني الرجل وهي في وضعية الإلحاق الذي يدل عليه التغيير الحاصل في أول الكلمة من a إلى u (udvar / advar)، مع غياب أداة الإلحاق أو النسبة ‘n ‘. وهو إشارة تخصيصية لنوعية الوسيلة التي يجتاز بها النهر. ويفيد هذا المركب الإسمي في مجموعه المعنى التالي: الممر النهري الذي يسلكه الراجلون.
Amadl 2
ممر يقع بمنحدر يجانب مدشر Ifentar الموجودة ب Igwmdan أي الضفة الأخرى للوادي. وهو اسم يجمع على imudal ( a-a--/ i-u-a- ) بمعنى المنخفضات. وهو علم على تشكل جغرافي يتميز بالانخفاض. من الناحية اللغوية نورد بأن بنية هذا الاسم الصرفية والمعجمية خاضعة للنظام الاسمي الغالب في اللغة الأمازيغية حيث يستهل بالصامت a-في المفرد و i- في الجمع. هذا الأخير الذي يطرح إشكالية على مستوى البناء أو المستوى المورفولوجي حيث الاختلاف الكبير على مستوى توزيع الصوامت بين بنية المفرد وبنية الجمع Amadl ( AcAcc) / ( IcUcAc) imudal حيث يمكن أن يكون الجمع على الصيغة التالية: imadln ( iCaCCn )i-----n/ وبذلك يكون خاضعا للصيغة الغالبة في الجموع الامازيغية.
Asawn 3
يطلق على ممر شديد الارتفاع بمدشرTasnnult (الضفة الغربية للوادي). في اللغة الأمازيغية يطلق هذا الاسم على الشكل الجغرافي الذي يتميز بالارتفاع ويدل على ذلك المثل الذي يقول ur illi usunfu à ddu n wasawn إشارة إلى الدعوة إلى تأجيل الراحة إلى حين انتهاء الأعباء. وتأتي هذه اللفظة في صيغة الجمع هكذا دائما ( a----n ) ويشير محمد شفيق في معجمه إلى المؤنث منها tasawnt وجمعها tisiwan. ومن حيث اشتقاقها، فهذا الاسم منحوت من الجذر الفعلي awn الذي يعني صعد. وقد اشتق اسم المكان هذا بزيادة المورفيم الدال على المكان asa- بعد حذف الفونيم a لتواجده أصلا في الجدر تسهيلا للنطق.
Tabrida 3
ينسحب هذا العلم على ممر تاريخي شديد القدم يخترق Tasnnult و Ifentar يعود إلى فترة القوافل التجارية التي كانت تخترق ماست قادمة من الجنوب في اتجاه المدن التجارية القديمة خاصة Tassurt أو Mugadur. وما زلنا نبحث عن الفترة التاريخية التي يؤرخ لها هذا المسلك التجاري في محاولة لتسليط الضوء على العديد من القضايا المهمة في تاريخ ماست والمنطقة بشكل عام من قبيل نوعية العلاقة بين سكان ماست وهذه القوافل التجارية: المعاملات النقدية والمبادلات التجارية والثقافية، الأعراف والقوانين المنظمة لهذه العلاقات، العقود والالتزامات، النظام السياسي وحركة هذه القوافل، إلى أين تتجه ومن أين تأتي...
وتجدر الإشارة إلى أن بعض سكان المنطقة يطلقون اسم taàarast n iraman على هذا المسلك إشارة إلى الوسيلة التي كان يتوسل بها التجار لنقل بضائعهم. والمثير للانتباه هو أن لفظ tabrida أوabrid الذي يجمع على ibridn أو iberdan الذي يعني الطريق / المسلك، الطرق / المسالك لفظ غير متداول في ماست ككل مما يحيل على القدم التاريخي على عكس taàarast n iraman الذي يبدو أنه اسم حديث.
وللإشارة، يوجد مكان آخر بمنطقة ماست بمدشر تيكمي لجديد يطلق عليه Tabrida wgllid أي مسلك أو طريق الملك، تأريخا لحدث مرور السلطان الحسن الأول من ماست.
Tamlalt yyṛaman 4
يطلق هذا الاسم على مسلك يقع بمدشر Tasila بجماعة ماست. ويشير السكان المحليون إلى أن سبب هذه التسمية راجع إلى أن هذه الطريق كانت سبيلا تسلكه الجمال نحو المراعي. وهذا المركب الاسمي يتكون من: Tamlalt - ( t----t ) وهو تذكير ل amlal الذي يعني الرمل ويجمع على imlaln / timlalin . ونعتقد أن صيغة المفرد المؤنث لها دلالة كبيرة هاهنا حيث تؤكد التقليل والندرة الشيء الذي وقفنا عليه حين زيارتنا لعين المكان حيث تبين أن لا وجود نهائيا للرمال لأن المنطقة منطقة أحراش.
- حرف النسبة أو الإلحاق المحذوف n والذي عوض عنه بظهور حرف y المشدد لأن الاسم يبدأ بحرف i- وهذه ظاهرة صوتية معروفة في الأمازيغية حيث يحذف حرف الإلحاق في اللغة الشفوية.
- iyraman جمع ل aram أو ar3m ويعني الجمل / الجمال. وهذا الحيوان يستعمل كوسيلة للنقل والتنقل عبر الصحراء.
مما يعني أن المركب الاسمي يدل على مسلك الجمال.
ونشير هنا إلى القيمة الدلالية التي يحملها هذا الطوبونيم باعتبار أنه يحيلنا مباشرة على أن سكان المنطقة عامة كانوا من مربي الجمال.الشيء الذي انقرض منذ ستينيات القرن الماضي كما تخبرنا الرواية الشفوية
يتابع