منتديات تمازيرت اينو
مرحبا بكم في منتديات تمازيرت اينو
سررنا جدا بزيارتك شبكة منتديات تمازيرت اينو
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة / يرجي التكريم بتسجيل الدخول ادا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
نتشرف بتسجيلك
شكرا


منتديات تمازيرت اينو
مرحبا بكم في منتديات تمازيرت اينو
سررنا جدا بزيارتك شبكة منتديات تمازيرت اينو
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة / يرجي التكريم بتسجيل الدخول ادا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
نتشرف بتسجيلك
شكرا


منتديات تمازيرت اينو
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تمازيرت اينو

منتديات تمازيرت اينو
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ثانوية محمد الخامس للتعليم الاصيل بتارودانت مع العلامة الحسن العبادي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
zakri74
مدير العام
مدير العام
zakri74


العمر : 34

بطاقة الشخصية
المدير:

ثانوية محمد الخامس للتعليم الاصيل بتارودانت مع العلامة الحسن العبادي Empty
مُساهمةموضوع: ثانوية محمد الخامس للتعليم الاصيل بتارودانت مع العلامة الحسن العبادي   ثانوية محمد الخامس للتعليم الاصيل بتارودانت مع العلامة الحسن العبادي Emptyالجمعة مايو 06, 2011 9:37 am

ثانوية محمد الخامس للتعليم الاصيل بتارودانت مع العلامة الحسن العبادي

او المعهد محمد الخامس الاسلامي بتارودانت



ثانوية محمد الخامس للتعليم الاصيل بتارودانت مع العلامة الحسن العبادي Logo

موقع منتديات ثانوية محمد الخامس للتعليم الاصيل بتارودانت

(هنا)

___________ مقدمة ___________


قضي الأمر ووقعت معاهدة الحماية سنة 1912 وسيطرت فرنسا على مقدرات المغرب وبلغ تسلطها أن عملت بعكس ما نصت عليه معاهدة الحماية، فأكبت على طمس هوية المغرب وقيمه الوطنية الإسلامية. وأول ما ركزت عليه إقامة تعليم فرنسي مؤسس على تعليم اللغة والحضارة الفرنسيتين وتهميش اللغة العربية والدين الإسلامي، وبموازاة ذلك عملت الحماية الفرنسية على محاربة التعليم المغربي العتيق الذي كان منبثا في بوادي المغرب وحواضره في شبكة متصلة تبدأ من الكتاتيب الصغيرة في البوادي وتنتهي بالجوامع العلمية الكبرى كجامع ابن يوسف بمراكش والقرويين بفاس.. وتبعا لذلك استولت إدارة الحماية على الأحباس بحجة تنظيمها وصار مستفادها يودع في حسابات الخزينة العامة بدل صرفه، فحرم المستحقون من الحصول على أرزاقهم أساتذة وطلبة وقيمين، وأدى ذلك إلى تضعضع التعليم العتيق، وقد كان هدف الحماية الفرنسية تنشئة أجيال مغربية متنكرة لحضارتها وقيمها وتاريخها وحضارتها وقطع علاقتها بالدين وقيمه العقدية والشرعية السمحة.

لقد كانت خطة الحماية الفرنسية مندمجة في إطار تصور شمولي يرمي إلى إضعاف المغرب وتحطيم قيمه ومقوماته الحضارية بناء على إقحامه في مسار حداثي عصري أوربي منقطع عن القيم العقدية والأصول التراثية والثوابت الوطنية، وقد أنتج ذلك الموقف قيام المغاربة للدفاع عن وطنهم وعن قيمهم وتراثهم، وتركيزهم على التعليم، عير الاعتزاز بالتعليم الأصيل العتيق مع إدراك حاجته للإصلاح والتطوير ليكون مؤهلا لتكوين المواطن المغربي المسلم الصالح.

وتبعا لذلك نجد التعليم في قلب مشاغل رجال الحركة الوطنية، من مفكرين وسياسيين يضعون له الخطط ويسطرون له النظم، وعلى رأسهم الملك محمد الخامس رحمه الله في فكره الجهادي الوطني وفي تصوراته السياسية وفي خطته النضالية ضد تسلط الحماية الفرنسية على المغرب ومقوماته التاريخية والحضارية. لقد سعى الملك محمد الخامس إلى الحفاظ على مقومات البلاد ومقدساتها عبر الاعتزاز بهذا التعليم وإحاطته بالعناية والتكريم وصد الفرنسيين عن امتهانه وأهله، وتمكينه من التطوير والإصلاح المطلوب والوقوف في وجه الجامدين الذين لا يعيشون عصرهم ولا يريدون أن يروا هذا التعليم إلا كما وجدوه بسيطا محدودا بعيدا عن روح العصر وحاجاته.

______ محمد الخامس ونضاله لإصلاح التعليم بالمغرب _______


اندرج تصور الملك محمد الخامس التعليمي ضمن خطته الوطنية للاستقلال وإبطال معاهدة الحماية، ونقض عمل الحكام الفرنسيين في ترسيخ التبعية والتغريب، واستند عمله على كون التعليم العتيق () تراثا مغربيا أصيلا انطلق من العقيدة الإسلامية وامتزجت فيه مقومات الغيرة الوطنية بالمعرفة الإسلامية العميقة، والتصق فيه التصور العلمي بالحاجة الاجتماعية، وقد فطن الملك محمد الخامس إلى أن التعليم المغربي الأصيل لم يكن في مستوى مجابهة التحديات المطروحة آنذاك في وجه المغرب وقيمه وحضارته، لكون ذلك التعليم محدودا في إمكاناته ومواده وآفاقه، ولأن المغرب أصبح في حاجة إلى نظام جديد في التكوين محافظ على المرجعية العقدية والشرعية ومتسم بسمة الكفاءة والقدرة على تحقيق الأهداف المرجوة منه مع ملاءمته للواقع المغربي. من هذا المنطلق بادر الملك محمد الخامس إلى إصلاح التعليم العتيق بالمغرب عبر إصدار ظهير لإصلاح جامع القرويين، أعرق المؤسسات الأصيلة، وذلك في 10 ذي القعدة عام 1349ﻫ موافق 29 مارس سنة 1931م، اشتمل على " تعيين مجلس أعلى يشرف على القرويين، وسن ضابط كفيل بتحسين حالتها فيما يرجع لانتخاب العلماء المدرسين، وتعيين الفنون التي تدرس فيها، والتآليف التي تقرأ بها، والأوقات التي تلقى فيها الدروس، وما يتعلق بذلك.."

كما عين الملك محمد الخامس مديرا للقرويين سنة 1942م للإشراف على التطوير والتجديد وترقية جامع القرويين، وجعل ذلك وسيلة لترقية التعليم العتيق في المغرب كله، وقد جسد الخطاب الذي ألقاه الملك محمد الخامس بجامع القرويين يوم 25 جمادى الثانية 1362ﻫ موافق 28 يونيو 1943أسس هذا التصور ووضح خطوطه العريضة، والتي يمكن إبرازها من خلال النقاط التالية:

تنظيم التعليم تنظيما عصريا نافعا: ركز الملك محمد الخامس على أهمية الحفاظ على القيم الوطنية والذي لا يتم إلا بإيلاء التعليم ما يستحق من اهتمام، مبرزا المساعي المبذولة لإصلاحه والنهوض بأحواله، فقال :

"وهل نجد برهانا على عناية الله بهذه الأمة، أقوى من انتشار معالم دينه القويم، وأنفع من إشراق شموس الهداية بالتعليم؟ أزهرت رياض المعارف بعد ذبولها، وأشرقت أنوار الدين الحنيف بعد أفولها، ولا سعادة بدون علم، ولا يهتدي بغير رائده الرشيد. تعلمون الحالة التي وجدنا عليها التعليم بجامع القرويين، وما كان يهدده من الوقوع في هاوية الزوال: علماء يقلون، وطلبة يتشتتون، علوم تنقص بموت مزاوليها، وقلة ذات اليد تلزم المدرسين أن يهجروا العلم للارتزاق بمهن أخرى، لا مرشد خير يهدي الناس السبيل، ولا رائد رشد يورد من المعارف العذب السلسبيل."

ضرورة إصلاح التعليم العتيق وتجديده: لقد أدرك الملك محمد الخامس -كما أشرنا قبل- أن التعليم الأصيل بالمغرب في حاجة ماسة للإصلاح للحفاظ عليه من الانقراض وتطويره لأن البلاد في أمس الحاجة إليه، ولقد كان عمل الملك في هذا المجال بين فريقين معارضين فريق الحماية الفرنسية الذي يرى في إصلاح هذا التعليم خطرا عليه وعلى وجوده بالمغرب واستمراره، ووسيلة لنشر الأفكار الوطنية المعارضة لتسلط الاستعمار. وفريق من العلماء المحافظين الذين يودون الحفاظ على التعليم الأصيل على حاله ظنا منهم أن كل تجديد أو تطوير خطر عليه وعلى أصالته، وأن ذلك يحقق آمال الإقامة العامة في محاربة هذا التعليم والقضاء عليه.

لقد كان عمل الملك محمد الخامس نهجا بين هذين الفريقين ذوي الموقفين المتعارضين حيال التعليم الأصيل العتيق، الموقف الأول مستند معاداة تاريخية وحضارية، والثاني إلى غيرة صادقة ومحبة ثابتة. لذلك كان عمل الملك مستندا إلى الحفاظ على هذا التعليم الوطني عبر إصلاحه وتطويره، انطلاقا من كون الإصلاح والتجديد من صميم العقيدة وصميم الدين ومن سنن الكون الثابتة، قال في خطابه:

"إنكم تعلمون أن من طبيعة الكون أن يستتبع الإصلاح إصلاحا، بحيث لا ينبغي للإنسان أن يقف في طريق التحسين، بل المتعين هو مواصلة الجهود مادام المرء حيا ذلك ما نعدكم به، ولا نزال بحول الله نجد في الصعود بشأن العلم وأهله حتى نصل إلى أبعد الغايات، وتجني الأمة كلها في حقول ما ينير الأذهان ألذ الثمرات، إلا أنكم تعلمون أن يد الله مع الجماعة، وان المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه، فليوجه كل عنايته لبلوغ الأمل، وليجعل نفسه مثال اقتداء في حلبة العمل، على أن لنا ولله المنة والحمد، أحسن أسوة في سلفنا المجيد، الذي امتاز بين الأمم بالهداية والتسديد، فما من سبيل يوصل إلى السعادة إلا سلكه، ولا ذخر من ذخائر العرفان إلا ملكه، مهتديا في سبيل الفلاح بكتاب رب العالمين، وراقيا مدارج النجاح بسنة سيد المرسلين، إلى الحسنى يتسابقون، ومن حياض الرشد والسعادة يستقون، ويستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويرون حسن السبيل، فيقتفون سننه، حتى لاحوا في سماء المعالي نجوما، وأعدوا لشياطين الضلال رجوما."

إنشاء مؤسسات حكومية تشرف على هذا التعليم: تنبه الملك محمد الخامس إلى أن تطوير التعليم العتيق لا يمكن أن يتم دون رؤية شمولية مستند إلى عمل مبني على مؤسسات حديثة ذات كفاءة وخبرة تشرف على الإصلاح والتطوير، قال مشيرا إلى تأسيس المجلس الأعلى للعلوم الإسلامية ليقوم بهذه المهمة:

" أدركتنا العناية الربانية، فوجهنا همتنا لإصلاح الأحوال، وتدارك مهجة العلم مما كان يهدده من الاضمحلال، فأسسنا المجلس الأعلى للعلوم الإسلامية بأعتابنا الشريفة، ليباشر تحت إشرافنا إنشاء نظام جديد للمعهد القروي."

تجديد التعليم من الناحية الإدارية والتربوية: كانت الرؤية التي انطلق منها الملك محمد الخامس في إصلاح التعليم متسمة بالعمق والشمولية، وذلك لأنها جمعت في تصور التجديد والتطوير كافة مناحي هذا التعليم من النظام التربوي إلى المضامين العلمية إلى التنظيم الإداري، وقد كانت الدراسة بمؤسسات التعليم العتيق حرة؛ فيقضي الطالب سنوات كثيرة من عمره تختلف حسب تحصيله ودأبه لينتقل بين الطبقات الثلاث المكونة لمراحله التعليمية، وهكذا يقضي على الأقل عشرين سنة ليتم الدراسة وقد لا يتمها لأسباب كثيرة، مما يؤدي لضياع أعمار الكثيرين دون تحصيل مفيد، لذلك وجه الملك عنايته إلى تنظيم التعليم من الناحية الإدارية وتحديد سنوات الدراسة، وتمكين الطلبة من الحصول على شهادات علمية للمستويات التي تجاوزوها، قال في خطابه بالقرويين عن النظام الجديد:

".. رتب مزاولة العلم في ثلاث طبقات ابتدائية وثانوية ونهائية، وحدد لكل طبقة ما يقرأ بها من العلوم كما حصر أمد سني الدراسة فيها، وعين المدرسين لكل واحدة منهما ورتب الرواتب الكافية، ثم عين مراقبا لسير الدروس، بعدما حصر الفنون والكتب التي تقرأ بها، وأوجب امتحانا سنويا لترقي الطلبة من طبقة الى طبقة، وآخرين للمتخرجين من سادسة الثانوي وثالثة النهائي الديني والأدبي، وجعل شهادتين لذلك يتمسك بهما أولئك المتخرجون، دليلا على تحصيلهم وتأهيلا لهم لنيل الوظائف الدينية أو المخزنية، ثم أحدثنا شهادة أخرى لمتخرجي رابعة الثانوي تخفيفا على طلاب البادية."

العناية بمؤسسات التعليم العتيق وصيانتها وترميمها: من الجوانب المهمة التي وردت في خطاب القرويين الاهتمام بمؤسسات التعليم الأصيل، إذ إنها في الغالب مساجد جامعة عتيقة، ومدارس لإقامة الطلبة، مما يستدعي ترميمها لتكون صالحة لتلقي المعارف مع إحداث البناءات اللازمة لدعمها في عملها التربوي العلمي، ورد في خطاب القرويين:

" لم تقتصر عنايتنا على إصلاح المعنويات بل أمرنا بكل ما يستطاع من الإصلاح المادي، فقد شاهد الكل ما تم من إصلاح المدرسة المحمدية، وباشرنا في الأسبوع الفارط افتتاح خزانة الكتب وردهة اجتماع أعضاء المجلس التحسيني والمدرسين، وما يتبع ذلك من الأمكنة اللازمة لتسيير شؤون الكلية على نمط يضمن لها الحياة ويسهل لها الرقي، أما مدارس سكنى الطلبة، فلا تزال يدخل عليها الإصلاح المتواصل من إنارة وغيرها، على أننا نرجو في ذلك السبيل مزيدا بعد مزيد."

تكوين المدرسين وتعزيز الدافع الذاتي للتكوين المستمر: لا ينجح المسعى لإصلاح التعليم دون العناية بالقائمين به من أساتذة ومدرسين ومشرفين، لذلك توجهت عناية الملك محمد الخامس إلى هذا الجانب فأكد اهتمامه بأطر التعليم العتيق ليتفرغوا للقيام بمهامهم، كما نبه إلى أن العناية المادية والدعم الخارجي من الحكومة لا يفي بالمراد ما دام الدافع الذاتي عند الأساتذة غائبا، وما لم يكن الإقبال على التعليم نابعا من مسئولية وطنية وغيرة إسلامية، قال:

" فعلى العلماء أن لا يكتفوا بإلقاء الدروس الاعتيادية، بل ينبغي لكل واحد أن لا يزال يجتهد في المطالعة وتحسين طرق التدريس، ويتابع الترقي في أسلوب التعليم، غير قانع بما يتيسر عفوا، بل يوجب عليه اختصاصه بفن واحد أن يدأب على البحث والتنقيب، في كل وسيلة تسهل تبليغ العلم للطلبة، وأن يغتنم كل فرصة تسنح لتهذيب النشء، إذ لا غاية كحسن التربية لتنمية المواهب الطبيعية، وتطهير الأخلاق الغريزية، ولينصحوا الطلبة بكل ما يحسن أحوالهم، ويزكي مآلهم، ويسهل عليهم عقبات المسير، ويقرب لهم وسائل التيسير، وينصحوا والدي الطلبة مهما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، فلن تزال النصيحة للعباد على قوة الإيمان دليلا، ومن أنجع النصائح أن يحثوا الطلاب، على ملازمة التعلم الأمد الطويل، فان ذلك من آكد شروط التحصيل، وأننا لاجتهادهم شاكرون، ولأعمالهم في سبيل حفظ مهجة العلم حامدون. فلسنا نعلم طريقا لتحسين أحوالهم إلا سلكناه، ولا سبيلا يضمن لهم السعادة إلا مهدناه، بحول الله القوي المعين."

العناية بمؤسسات التعليم الأولي الكتاتيب القرآنية: سعت سلطات الحماية الفرنسية منذ سيطرتها على مقاليد الأمور بالمغرب إلى نشر تعليم فرنسي الصبغة، وعملت على بناء مؤسساته الابتدائية في مختلف بقاع البلاد وبموازاة ذلك ضيقت على الكتاتيب القرآنية وهي رافد التعليم الأصيل وأساسه الذي يمده بالطلبة رغبة في القضاء عليه، ولذلك اهتم الملك محمد الخامس بهذه الكتاتيب، إذ هي وسيلة لاستكمال الإصلاح وضمان الاستمرار، قال:

" لما علمنا أن نظام القرويين لا يكمل إلا إذا مهدت له السبل من الخارج ومدت إليه الوسائل من كل جانب، بدأنا الإصلاح من الأساس ليكون هيكله أمتن، ووجهنا عنايتنا لإصلاح كتاتيب القرآن، اعتناء بحفظ كتاب الله وتجويده، فأصلح الموجود بكل ما يستطاع، وأنشأنا مدرسة بفاس سميناها باسم نجلنا البار مولاي الحسن، وأخرى بالدار البيضاء باسم شقيقه الأرضى مولاي عبد الله، وأسس برنامجهما لحفظ كتاب الله ومزاولة التعليم الابتدائي ليكون وسيلة إلى تخريج الطبقة الابتدائية منهما، ليمكنها الدخول إلى ثانوي القرويين أو ابن يوسف، والأمل هو أن ننشئ أمثالهما بكل مدن إيالتنا الشريفة، ليمكن بذلك أن يسقط كل الابتدائي من الجامعتين فلا يبقي فيهما إلا الثانوي والنهائي، تسهيلا على طلبة العلم الشريف، وتيسرا لورودهم على حياضه، من كل النواحي المغربية، من غير أن يتحمل الأحداث مشاق التغرب في أول سني الدراسة، كما تأسست مدرسة ابتدائية بمكناس، بمناسبة حلول ركابنا الشريف بها، يمكن للمتخرجين منها أن يدخلوا ثانوي القرويين بأسهل الوسائل. "

العناية بتعليم الفتيات: لم يكن تصور الملك محمد الخامس للإصلاح التعليم متجها إلى فئة اجتماعية دون أخرى ولا جنس دون آخر لذلك حرص على الإشارة إلى تعليم الفتيات وضرورة العناية به انطلاقا مما رسمه الدين وحددته حضارة المغرب الإسلامية، وقيمه الوطنية، لأجل تحقيق الإصلاح المأمول، قال:

" وهناك أمر آخر نهتم به كل الاهتمام، وهو تعليم بناتنا وتثقيفهن لينشأن على سنن الهدى ويهذبن بما ينبغي حتى يتصفن بما يتعين أن تتصف به المرأة المسلمة، حتى تكون على بينة من الواجب عليها لله ولزوجها وبنيها ولبيتها، فلا يدرك ذلك بالإهمال، ولا يحصل عليه بمجرد الاتكال، ولذلك أمرنا أن يؤسس لتعليمهن برنامج يوافق تعاليم الدين الحنيف، يكون تحت إشرافنا لئلا يلحقه شطط ولا تحريف، ليضمن رقي الأمة من كل الحيثيات، ويحفظ من الإهمال كما يحصن من الآفات، ويتسنى لها تسابق الأمم، من غير خروج على مبدأ دينها الأقوم، تتعلم ما ينفعها ويحييها، وتجتنب ما يؤخرها ويرديها، مقصدها العلم الحقيقي النافع، ورائدها الرشد البين الساطع، لا تحيد عن طريق الهدى، ولا تلوي على مهاوي الردى، وديننا الزكي الطاهر، يسر لا عسر، ومنهجه القويم الظاهر سهل لا قسر."

هكذا نرى أن خطاب القرويين قد رسم بوضوح تصور الملك محمد الخامس لإصلاح التعليم بالمغرب عبر خطوات إجرائية واضحة مؤسسة على تصور شمولي مبني على فهم عميق للمجتمع المغربي ولأصوله الحضارية وقيمه العقدية والوطنية الأصيلة، وهو التصور الذي ظل حاضرا لدى محمد الخامس كما نراه بعد خطاب القرويين بأزيد من عقد من الزمن، في خطاب عيد العرش في 18 نونبر سنة 1952م، حيث قال مشيرا إلى أهمية التعليم العتيق في الحفاظ على الدين والوطن:

"وقد علمنا ما كان للمعاهد الدينية من أثر في حفظ الشريعة ودفع الشبهات عنها، وبث الأخلاق الفاضلة وحفظ العربية، فوجهنا عنايتنا لجامعة القرويين التي كان الحظ الأوفر في المحافظة على كيان الحضارة الإسلامية، وإمداد البلاد بعلماء أعلام، كانوا مفخرة في تاريخ الإسلام، فما تركنا وسيلة ترد لها مجدها وتعيد إليها سمعتها إلا اتخذناها، فوضعنا لذلك نظاما توخينا فيه أن يساير المعاهد الدينية الناهضة في البلاد الإسلامية، وطبقناه في جامع ابن يوسف وفي معهدي مكناس وطنجة، وكان أملنا أن يزدهر هذا النظام ويعم تطبيقه سائر المعاهد في أمد يسير، لولا ما يعترض هذا العمل من عراقيل نحن جادون في تذليلها. "

______ التعليم العتيق بمنطقة سوس في عهد الحماية ________

مر التعليم العتيق في سوس بأطوار كثيرة عبر التاريخ شهد فيها انتشارا لمؤسساته بجهود العلماء المدرسين وأعيان القبائل وزعماء الزوايا الصوفية وجهود عامة الناس، حتى قاربت المدارس العلمية العتيقة الثلاثمائة في مختلف المناطق، () وعندما حل القرن الرابع عشر للهجرة شهدت هذه المدارس بعض التعثر لأسباب كثيرة منها القحط الطارئ في بدايات ذلك القرن والمجاعات التي صاحبته، والهجرة المتتالية للناس إلى الحواضر وموت العلماء الكبار، وتغير الأوضاع الاجتماعية، قال العالم الفقيه محمد بن أحمد المانوزي في مذكراته مقارنا بين الماضي والحاضر:

" انتشرت العلوم وعمت الأقطار، ما بين عالم متفنن متضلع، وبين قاريء حمزاوي أو عشري مجود للقراءات متشبع، إلى حدود الخمسة والثلاثين والألف، فجعلت شمس تلك الأعصار المضيئة تركض في مغرب أفولها، إلى أن غابت أضواء تلك المطالع بالكلية في ظرف خمس سنين، لاستيلاء ظلمات الرفاهية وأسبابها، وتبدلت بالكلية {كأن لم تغن بالأمس} تلك الأخلاق بانسداد أبوابها، وطمت في بحور الأخلاق الجديدة العصرية الناشئة من تراكم الاحتلال الأوربي، فانغمس الناس في أوحال المعايش، لما اجتمع عليهم من تعاقب السنين المجدبة، وأنواع الملاذ المألوفة، والتفنن في المآكل والمشارب المستلزمة لترك الأخلاق القديمة، والأخذ بالأخلاق الجديدة، من التلون في الأفكار من طور إلى طور، ومن أكبر القواطع انحشار الناس عامة وخاصة إلى المدن لتعاطي التجارات والتعليمات بأنواعها، وظهرت في السوس الأقصى بل والأدنى من مراكش وأحوزاها ودرعة وتافيلالت وصحرائها إلى فكيك آثار الخلاء والخراب المحسوسة.. فبذلك كله تأخرت في السوس الأقصى وغيره من سائر الأقطار أنواع العلوم، فإذا قبض عالم فلا يخلفه إلا جاهل أو تاجر.. "

ومن الأسباب كذلك تسلط الاستعمار على البلاد وانشغال الناس بمقاومته، وما نتج عن ذلك من حروب وصراعات كثيرة، ثم سيطرة الاستعمار على المناطق وعمله على الانتقام من أساتذة المدارس العلمية لأنهم كانوا في طليعة المقاومين فاغتال بعضهم وسجن ونفى آخرين.. مما اضطر الباقين إلى الانكماش والعزلة، إضافة إلى ما سبق ذكره من مضايقة إدارة الحماية الفرنسية هناك منافسة التعليم العصري الذي انتشر قبيل الاستقلال في مناطق الجنوب، فهذه العوامل كلها أدت إلى ضعف التعليم العتيق وتدهوره.

ومن أبرز مظاهر هذا التدهور نذكر:

* إهمال مؤسسات التعليم العتيق خاصة المساجد الجامعة العتيقة، مثل الجامع الكبير بمدينة تارودانت الذي لحقه الإهمال حتى آل إلى الخراب، ورامت إدارة الأحباس إصلاحه فلم تزد على إنفاق المال على تدعيم سقوفه بالأخشاب، وارتفعت الأصوات بالدعوة إلى إصلاحه، ومن بينها صوت قاضي سطات أحمد سكيرج الذي زار تارودانت ووقف على حال المسجد، ووصف حاله شاكيا إلى الملك ما لحقه لعله يبادر إلى الأمر بإصلاحه، قال:
ودخلت جامعهـا الكبير فهالنـــي لمّا رأيــــت دعائـــم الحيطـان

وتشابك الخشـــب التي بسقوفــه وشقوقه مــن سائــــر الأركـان

قد غيرتــه يــد تظـــن بأنها قد أصلحـت ما فيــــه من بنيــان

يا ليتهــا هدمتــــه حتى لم يضع مـال بــه صرفتــــه في خسـران

لاسيما وقد استحــــال لصـورة شوهـاء بعــد جمالهــــا الفتـان..

لا لا أرى أحــدا يــرق لحالــه في حالـه الحـالي ســوى السلطــان

من مبلـغ للحضـرة العلويــة الشْـ ـشماء حـال المسجـــد الــروداني

* انقطاع الوفر المادي للأحباس عن دعم مؤسسات التعليم العتيق وقيميه من أساتذة وغيرهم، بعد أن تم تنظيم الأحباس وجعل توزيع وفرها مسألة مركزية تشرف عليها وزارة الأحباس، وقد قام العلماء باستنكار هذا الحيف الذي لحقهم ومؤسساتهم، كما نجد في رسالة علماء تارودانت وجهوها إلى السلطان مؤرخة في 21 شوال 1349 موافق 11 مارس سنة 1931، جاء فيها:

"إن تارودانت حاضرة هذه الأصقاع السوسية المنكودة الحظ التي طالما أخنى عليها الدهر بكلكله، وأجلب عليها بخيله ورجله، اندثر فيها - ولا حول ولا قوة إلا بالله – نشر العلم والتدريس، وانطمست أعلامه فهو الآن يجود بنفسه الأخير النفيس، إن لم يتداركه سيدنا بوابل صلاته، ويلفت له النظر بغزير عطياته، صار - لا قدر الله - في خبر كان، واستحوذ الجهل والطيش على النشء، فيذهب مستقبل الأمة ضحية الخسران. وغير خاف على سيدنا حفظه الله، والتاريخ أصدق شاهد..ما كان لملوك المغرب من الاعتناء التام بشأن هذه المدينة المسكينة المنحوسة السعد خصوصا ما يتعلق منها بالعلوم، فلقد كانت جوامعها ومساجدها ومدارسها أيام حكومة أسلاف سيدنا ومن قبلهم من ولاة الأمر تضاهي كلية القرويين، ومنهلا يروي جميع العطاش الواردين، والعلماء فيها متوافرون، والطلبة إليها من كل حدب ينسلون، وأسواق العلوم نافقة، وأنواع البر على العلماء من الملوك متدفقة، لكل عالم مرتب يكفيه، على حسب معلوماته من الأحباس، ورياض المعارف إذ ذاك عطرة الأنفاس، عم الجميع نوال السلطان، والكل مغمور برداء الإحسان..

هذا طلبنا ومرغوبنا قدمناه للأعتاب الشريفة، والرجاء - في سيدنا وفقه الله - جميل أن يتلقاه بحسن القبول وحاشاه أن يخيب قاصده، وهو البحر لا تفني الدلاء مدده.. فحالة مدينتنا اليوم تفتت الأكباد، ويرثي لها بنو نوع الإنسان، وتخجل الأقلام عن تسطيرها، إذ أصبحت مشرفة على الزوال، قريبة الاضمحلال، انقطع فيها تعليم العلم بل – عياذا بالله – حتى القرآن، وتوالت سنوات القحط على هذا القطر البئيس، وأذهلت أفكار العلماء والطلبة.. فعلى أي حال يشب النشء والأولاد إن لم ينقذهم سيدنا من هذه الورطة، ثم بأي دين إن تعلموا يتدينون، وإلى أي غاية إن دمنا على الضنك في العيش نحن سائرون."

______ محمد الخامس وإصلاح التعليم العتيق بسوس _______


وصلت حالة التعليم في منطقة سوس إلى درجة من الجمود والتخلف، مقابل ما كانت الحواضر المغربية تشهده من حركة تعليمية دائبة بإصلاح جامع القرويين وجامع ابن يوسف وغيرها من مؤسسات التعليم العتيق بالحواضر المغربية، إضافة إلى ظهور مؤسسات التعليم الحر في مختلف المناطق، كل ذلك طرح بحدة مسألة التعليم بمنطقة سوس وضرورة تطويرها وإنقاذ المدارس العلمية العتيقة مما تعاني منه من جمود.

وقد بذلت في سبيل ذلك مساع حثيثة بدعم كامل من الملك محمد الخامس ومتابعة دقيقة منه خاصة بعد الاستقلال، ويمكن التمييز في هذه الأعمال الإصلاحية بين مرحلتين:

__________ مرحلة الحماية __________

دفع ما شهدته الحواضر المغربية من إصلاح التعليم العتيق، مجموعة من مثقفي سوس إلى للتفكير في تطوير التعليم بالمنطقة لاسيما أنها حافلة بالمدارس العلمية العتيقة المنبثة في جبالها وسهولها، وهكذا انبرى بعض هؤلاء للتعبير عن أفكارهم وتصوراتهم في الجرائد التي كانت تصدر آنذاك ومنهم:

* الحسن البونعماني الذي كتب مقالا بجريدة السعادة بعنوان:"إنعاس الحكومة لمدارس سوس" أشار فيه إلى جهود العمال المهاجرين إلى أوربا في دعم المدارس العلمية العتيقة بتمويل طلبتها وأساتذتها، ونوه بسماح سلطات الحماية بدفع الأعشار إلى هذه المدارس بعد امتناعها مدة طويلة.

* مُحمد العثماني في مقالين له نُشرا بجريدة العلم بعنوان:"العلم في سوس على وشك الانقراض" بيّن فيه خطورة الأوضاع البئيسة التي تعيشها تلك المدارس مقترحا بعض الحلول لإصلاحها وتجديدها منها: وضعها تحت إشراف مندوبية المعارف التابعة للقصر الملكي وإخضاعها للتفتيش التربوي وتحريرها من هيمنة شيوخ القبائل الخاضعين آنذاك لسيطرة ضباط الحماية الفرنسية بالمغرب.

* محمد المختار السوسي الذي تحدث عما تعانيه المدارس العلمية بالمنطقة من تهميش وإهمال وضرورة العناية بها، قال في رحلته خلال جزولة واصفا حال التعليم بمدينة تارودانت:

"وأما حالة التعليم في المدينة فمؤسفة فإن التعليم الإسلامي يكاد ينقرض، فلا دروس علمية إلا صبابة قليلة جدا، ولا كتاتيب للقرآن مجدية. وقد صارت الحكومة تحتم على كل تلميذ تلميذ في الكتاتيب القرآنية أن يلتحق بتعليمها الجديد مرغما، فضاعت الأوقات بين الكتاتيب والمدرسة، ولم يستفد التلاميذ لا من هذه ولا من تلك، هكذا يقول الأهالي. ولم أر ولم أسمع مدينة وقع فيها مثل ذلك."

كما قال عن حال التعليم بالمدارس العلمية العتيقة بسوس:

" إن القطر السوسي كان دبّ إليه الفتور العام الذي دب إلى جميع المغرب، ولى صدر هذا القرن بعد 1311 ﻫ فلم يصل 1330ﻫ حتى تضاءلت المدارس جدا، وضعفت الهمم ضعفا عظيما، ثم جاءت أهوال يعرفها كل أحد من جراء الاحتلال، زلزلت القلوب، فلم يكد يصل 1345ﻫ حتى قلت جدا المدارس العامرة، ثم جاءت المسغبة التي وقعت في هذه السنة وفي التي بعدها، فأتت على الباقي، فانقضى كل شيء، وقدر مع ذلك وفاة العلماء الكبار، ثم سرى ما سرى في كل أطوار الحياة المغربية، فتأثرت مجالس دراسة العلوم غاية التأثر، فلم تدخل سنوات 1350 ﻫ، حتى لا تكاد تجد مدرسة عامرة العمارة المعهودة، فلا ترى إلا البعض يكون فيها عشرة إلى عشرين، أو أدون من العشرين.. وقد أقفلت أبواب الدراسة الجدية، ولا يرابط الأساتذة اليوم غالبا في المدارس، ولا الطلبة الذين معهم إلا للمعاش فقط، وقد يمضي أسبوع فشهر من غير معاطاة دروس، إلا عند أناس منهم لا يتجاوزون نحو خمسة عشر.. وأما غيرها فأستاذها بمنزلة الناطور للبستان، يحرس سقوف المدرسة وأبوابها، لئلا تمد إليها الأيدي، حقيقة والله مؤلمة .."

وقد دفعت هذه الأفكار والكتابات مجموعة من العلماء والتجار السوسيين المقيمين بالحواضر - الذين كانوا يشهدون جهود الملك محمد الخامس في مجال التعليم، بالرغم من مضايقة الإقامة العامة وتعنتها - إلى التفكير في العمل لإصلاح المدارس العلمية العتيقة، واستنساخ النموذج الناجح الذي أنجزه محمد المختار السوسي في مدرسة زاوية الرميلة بمراكش وفي مدارس أخرى هناك كمدرسة الحياة.. وغيرها، وتطبيقه بالمدارس العلمية العتيقة في بوادي سوس وحواضره.

وقد انتبهت أبناء النخبة السوسية بالحواضر إلى أن هذه الخطوة لا يمكن أن تتم دون موافقة سلطات الحماية، ففكروا في تقديم ملتمس إلى الملك محمد الخامس حول تطوير التعليم العتيق بسوس وتجديد مدارسه العتيقة في إطار التعليم الحر، لعل ذلك يكون خطوة أولى في انضمام المنطقة والجنوب المغربي عامة إلى التطور الذي شهده التعليم على الصعيد الوطني، وقد استغل الأعيان السوسيون مناسبة زيارة الملك محمد الخامس لمراكش يوم 11 رجب 1369ﻫ الموافق 29 أبريل 1950م لوضع الحجر الأساس لبناء مدارس بني دغوغ لتقديم الملتمس، بعدما كانوا اتصلوا به قبل قدومه إلى مراكش وأطلعوه عليه، فتلقى فكرة تقديمه بالقبول مشيرا إلى أن الفرنسيين لن يتقبلوا هذا الطلب بسهولة. وقد رفع الملتمس إلى الملك، ونقله إلى الإقامة العامة الوزير الفقيه محمد المعمري، والمقيم العام آنذاك الجنرال جوان الذي أجابه قائلا:

" قل للسلطان يمكن أن نفتح للسوسيين ثكنات عسكرية في بيوگرا أو أگادير ليتدربوا فيها و لا يمكن أن نسمح لهم ولو بإصلاح وتنظيم مدرسة واحدة بسوس."

لقد كان رد المقيم العام على الملتمس الملكي إشارة إلى رغبة سلطات الحماية في بقاء المدارس العتيقة في حالتها من التخلف والجمود، لأنها في نظرها مصدر خطر داهم إذا ما جددت وأصلحت وتحقق فيها طموح الملك محمد الخامس والمغاربة جميعا، وقد توالت بعد ذلك الأحداث السياسية التي نتجت عن تمسك الملك بمواقفه الوطنية ومبادئه مما أدى إلى عزله عن العرش ونفيه، ونفي الوطنيين من علماء ومثقفين ومناضلين، وفي غمرة هذه الأوضاع السياسية والاجتماعية المضطربة أسس طلبة وأصدقاء محمد المختار السوسي - وهو منفي آنذاك مع نخبة من الوطنيين في معتقل تنجداد ثم أغبالو نكردوس - بمراكش جمعية علماء سوس في 1 شعبان 1373ﻫ موافق 5 أبريل 1953، لتتابع العمل ولتسهر على تنفيذ المشروع الإصلاحي للتعليم العتيق استعدادا للمرحلة القادمة حينما تكون الفرصة مواتية باستقلال المغرب وعودة الشرعية إلى أصحابها.

______ مرحلة الاستقلال وتأسيس معهد محمد الخامس بتارودانت ________

استقل المغرب ورجع السلطان محمد الخامس إلى بلده وعرشه منصورا مظفرا، فبادر علماء المغرب وأعيانه لزيارته للتهنئة ومن هؤلاء وفد علماء سوس المنتظمون في جمعية علماء سوس في شهر دجنبر 1955، الذين استغلوا الفرصة فعرضوا مطالبهم الاجتماعية الإصلاحية التي سبق أن عبروا عنها للملك من قبل في عهد الحماية، وقد استقبل الملك محمد الخامس العلماء المائة والثلاثين الذين حلوا بالرباط بالقصر الملكي وقدموا للملك مطالبهم التي كان التعليم العتيق من ضمنها، جاء في ديباجة المطالب:

"فلا يخفى على مولانا ما لسوس من تاريخ مجيد، حافل بالبطولة في ميادين العلم والدين والدفاع عنهما بالسيف والقلم، وأنتم يا مولانا أدرى الناس بأن سوس من أشد الأقطار المغربية تمسكا بالديانة الإسلامية، والعزة القومية، وإن هذه البلاد ساهمت مساهمة فعالة في بناء المغرب الزاهر إن لم نقل هي المحرك لدولاب التقدم والعمران في إمبراطورية مغرب الأمس، تلك الإمبراطورية التي كانت أسبانيا المسلمة والأقطار الثلاثة للمغرب العربي [ضمنها]، وما الصفحات التي سجلها التاريخ لأبطال صحراء لمتونة وجبال المصامدة، إلا وثيقة خالدة تنطق بما لهذه البلاد قديما من مكانة في الدين والسياسة والاجتماع، بيد أنه - والأسف يهز القلب - مرت بهذه البلاد في عهد الحماية البغيض عاصفة جارفة قلبت أوضاعها، وعكست حقيقتها، وزعزعت جذور العلم والدين في حوضها، ولولا تأصلها وقوة روحها لاجتثتها من أصلها."

وقد اشتملت لائحة المطالب بنودا التمست تطوير التعليم العتيق باتخاذ جملة من الإجراءات، هي:

أن تكون موارد المدارس المالية مضبوطة تشرف عليها إحدى الوزارات المختصة بواسطة لجان موثوق بها.

أن ينظم التعليم فيها فيوضع له برنامج موحد معترف به من لدن الوزارة التي تشرف على تطبيقه، بحيث يهيئ التلاميذ لشهادات تخول لحامليها الالتحاق بالمعاهد الدينية.

فصل المدارس عن كل سلطة محلية، ومنع الشيوخ والقواد وأعوانهم من التدخل في شؤونها.

تأليف لجنة علمية لإجراء بحث نزيه حول المدرسين الحاليين وعمداء المدارس، فيكون إقرار الأساتذة ذوي الكفاءة في مقاعد التدريس وعزل غيرهم على ضوء تقريرها.

إجراء مباريات بين المرشحين لاختيار من يشغل المقاعد الشاغرة في المدارس، ويعفى من هذا الإجراء أساتذة معروفون بالكفاءة والإخلاص للمهنة.

إنشاء مكتب فني يسهر على تفتيش المدارس وإصلاح أساليب التعليم وتجديدها تدريجيا.

العمل على تأسيس معهد ثانوي لمدارس سوس في أگادير تخول شهادته لحاملها الانخراط في الأقسام النهائية بكليتي القرويين وابن يوسف."

وقد عاد وفد من علماء سوس مرة أخرى إلى زيارة الملك محمد الخامس في 19 محرم 1376ﻫ موافق 27 غشت 1956، قدم فيها الزائرون للملك تقريرا موجزا عن أعمالهم في ميدان إصلاح التعليم وتجديد مؤسساته كما أخبروه بتأسيس جمعية علماء سوس وسعيهم لبناء المعهد الثانوي للتعليم العتيق في مدينة تارودانت والعزم على انطلاق الدراسة برسم ذلك في شهر أكتوبر من تلك السنة بالجامع الكبير بالمدينة في انتظار استكمال بناء المعهد.

وقد تلقى الملك محمد الخامس مقترحات الجمعية بالقبول والتنويه والتشجيع وقد تجلى ذلك في:

دعمه جمعية علماء سوس في نشاطها العلمي الإصلاحي، وقد عبر عن ذلك بقوله:

"إننا وحكومتنا مستعدون لتشجيع هذه الجمعية العاملة المؤمنة التي تقوم بأعمال ثقافية دينية واجتماعية جليلة تشكر عليها وتستحق كل تشجيع من المواطنين."

دعمه مشروع بناء المعهد الإسلامي بتارودانت، وإشرافه بنفسه على تسلم هبة أحد المحسنين للقطعة الأرضية التي سيبنى عليها المعهد الروداني.

استقباله العلماء المشرفين على المشروع المرة بعد المرة وتزويدهم بنصائحه وإرشاداته وإجابته استشاراتهم في ما يتعلق بجوانب المشروع ومراحله، فقد زاره علماء الجمعية أربع مرات بالقصر الملكي بالرباط قدموا خلالها ملتمساتهم ومطالبهم.

تصريحه بالرغبة في زيارة مدينة تارودانت عندما يؤسس المعهد، وذلك عندما قال: "ستجدونني دائما بجانبكم في هذا الميدان بل ستجدونني أمامكم، ويسرني أن أزور سوس وأجد الحلقات الدراسية بمعهد تارودانت الذي نرجو له كل التوفيق."

إسهامه في التبرع الذي انطلق لجمع الأموال اللازمة لبناء معهد تارودانت، حيث قدم مبلغ مليوني فرنك للمشروع.

موافقة الملك محمد الخامس على طلب جمعية علماء سوس المشرفة على مشروع المعهد بشأن معاوضة أرض الهبة للمشروع وبقعة أرضية في ملك الأحباس بتارودانت، وذلك بإصدار ظهير في هذا الشأن مؤرخ في 28 ذي الحجة1376، وإصدار أمره إلى وزير الأحباس بالتنازل عن أكثر من نصف الفرق الناتج عن المعاوضة لصالح مشروع المعهد وقدره ثلاثة ملايين فرنك.

إصدار الإذن بانطلاق أشغال البناء بعد تعذر زيارته مدينة تارودانت، وذلك بطلب من الجمعية المشرفة، على أن يضع الملك الحجر الأساس عندما يزور المدينة.

الموافقة على تأسيس فروع أخرى لمعهد محمد الخامس بكل من بتزنيت وماسة وأيت باها وتامگروت والجديدة وتاليوين وتمنار بحاحة، وقد نتج ذلك كله - فيما بعد – إحداث مرحلة جامعية بتأسيس كلية الشريعة بأگادير التابعة لجامعة القرويين، سنة1398ﻫ موافق 1978م.

هكذا نرى أن الملك محمد الخامس تابع أعمال تأسيس المعهد الإسلامي بتارودانت منذ بدايتها، وساندها لأنها خطوة لتطوير التعليم وترقيته، فتطوير المدارس العلمية العتيقة يحتاج إلى زمن طويل وجهد كبير مع ما يكتنف ذلك من تضحية مادية كبيرة وما سيجابهه من معارضة المشرفين عليها أو من مشاكل تربوية أو إدارية، بينما كانت الحاجة ملحة لإنشاء مؤسسات تعليمية تنطلق في عملها بسرعة وتستوعب طلبة المدارس العلمية العتيقة ليستكملوا فيها تكوينهم المعرفي والفكري وينفتحوا على المعارف الحديثة وعلى مجريات الحياة العصرية بعدما عمقوا معارفهم الشرعية واللغوية من قبل بمدارسهم العتيقة، فكان المعهد مرحلة تعليمية تربوية تؤهل الطلبة بتكوينهم تكوينا عربيا إسلاميا يحافظ على القيم التي عمل الاستعمار على استئصالها ويحميهم من الضياع ومن الانسلاخ عن أصالتهم كما يحفظهم من الجمود والتحجر.

لقد كانت الحاجة ملحة – إبان تأسيس معهد محمد الخامس - لتخريج أجيال من المثقفين لخدمة وطنهم حديث العهد بالاستقلال وتقوية إداراته وتمتين شخصيته القومية الإسلامية، وقد استدعت هذه الحاجة الملحة حلا سريعا آنيا في انتظار حلول طويلة المدى.

إضافة إلى ذلك فطن مؤسسو المعهد إلى أن المدارس العلمية العتيقة لم تكن تقوم بالوظيفة التعليمية العلمية وحدها لكن كانت لها أدوار اجتماعية أخرى متعددة، أكثر خطرا، فقد كانت شديدة الاندماج في مجتمعها، مما يعنى ضرورة البحث عن رؤية شمولية لإصلاحها، ترتبط بإصلاح المجتمع عامة، وقد تؤدي خطوات إصلاح غير محسوبة العواقب إلى خلخلة وضعية هذه المدارس وعلاقتها بمجتمعاتها ووضعية الفقهاء والطلبة، مما سيؤثر سلبا على التوازن المعرفي لتلك المجتمعات خاصة المتعلق منه بشؤون الدين والعقيدة، فقد كانت هذه المدارس مؤسسات حرة ينفق الناس على تسييرها تعلقا منهم بالدين واحتسابا للأجر عند الله تعالى، ويتقربون إلى الفقيه والطلبة بمختلف المبرات تقديرا للقرآن الكريم والعلم الشريف، ويصدرون عن إرشادهم واستشاراتهم وفتواهم، فكانت رعايتهم للمدارس وقيميها وطلبتها تطوعا لا قهرا، واحترامهم لها رغبا لا رهبا، أي أن هذه المدارس كانت حلقة حاسمة في منظومة اجتماعية دينية معرفية عميقة الجذور في التاريخ والوعي الديني لعموم المغاربة.

لقد رأى دعاة إصلاح التعليم العتيق وعلى رأسهم الملك محمد الخامس رحمه الله أن المدارس العلمية العتيقة تقوم بما هو مطلوب منها على قدر وسعها، من حيث تكوين الطلبة في العلوم الشرعية والعلوم اللغوية بعدما استظهروا القرآن الكريم، وهذا أساس الحفاظ على القيم الإسلامية والوطنية التي ناضل المغاربة من أجلها، كما استنتجوا أن إصلاح هذه المدارس في غاية الصعوبة، ومحتاج إلى نفس طويل وخطة قويمة، لأن الإصلاح لا يتعلق بالمناهج والمدرسين والطلبة فحسب، ولكنه مرتبط أشد الارتباط بالمجتمع من حول هذه المدارس. لذلك ارتأوا معالجة المشكل العاجل المطروح وهو إدماج طلبة هذه المدارس وخريجيها في المنظومة التعليمية الوطنية وتأهيلهم فكريا ومعرفيا وفتح آفاق المعرفة المتجددة الموثقة بالشهادات المدرسية والعلمية أمامهم ليسهموا في خدمة وطنهم والحفاظ على ثوابته الإسلامية وقيمه الوطنية بعدما اكتسبوا تكوينا متينا جمع بين القديم النافع والحديث المفيد.

كما استنتج القائمون بالإصلاح أن تأسيس المعهد لا يعني نهاية مهمة المدارس العلمية العتيقة بحلوله محلها بل إن تأسيسه ما كان إلا تتويجا لجهودها في التربية والتكوين، وتقوية لأدوارها الاجتماعية والوطنية، فقد كانت هذه المدارس إلى جانب تعليم الطلبة، تقوم بنشر المعرفة الإسلامية بين عامة الناس، كما يعد أستاذها العالم الفقيه حكما بينهم في خصوماتهم ومستشارهم في قضاياهم ومشاكلهم، ومفتيا لهم في نوازلهم، وضامنا لوحدة المذهب الفقهي والعقدي، وداعيا للتعلق بالدين والشريعة ووحدة الأمة والوطن وطاعة السلطان، مما جعل تلك المدارس مؤطرة للمجتمع من الناحية الدينية ومحافظة على توازنه وارتباطه بعقيدته وقيمه الوطنية.

لقد كانت هذه الرؤيا منطلق مشروع تأسيس معهد محمد الخامس، ليجسد تشبث المغاربة بقيمهم ودينهم وهو ما عبر عنه الملك محمد الخامس عندما زار مدينة تارودانت لوضع حجر الأساس لبناء المعهد في20 ذي القعدة 1378ﻫ موافق 29 ماي 1959 وألقى كلمة بالمناسبة أبرزت تصوره لإصلاح التعليم وتطويره، والخلفية الفكرية لهذا الإصلاح المستندة إلى الثقافة الإسلامية والتراث العريق، والمبنية على التشبث بالعقيدة الإسلامية التي بنيت على أساسها الثقافة الوطنية، قال فيها:

" إن الثقافة الإسلامية جزء من مقوماتنا الوطنية ولا يسعنا ونحن نشيد صرح نهضتنا الحديثة إلا أن نستمسك بها ونحافظ عليها حفظا لكياننا، وربطا لحاضرنا بماضينا وتيسيرا لأسباب التقدم والتطور الذي يجعلها الإسلام في متناول أيدي الذين يعتنقونه ويسيرون طبق تعاليمه الخالدة."

كما أشار رحمه الله إلى ضرورة تجديد مضامين التعليم بعدم الاقتصار على المعرفة الشرعية واللغوية فقط بل الاهتمام بالعلوم العصرية على اختلاف أنواعها، أسوة بالسلف الذين لم يمنعهم الاعتزاز بقيم الأمة الإسلامية من المزاوجة بين الأساس العقدي المتين والإبداع الخلاق المنفتح على عصره المسهم في بناء الحضارة الإنسانية، قال عن المحافظة على المقومات الوطنية:

".. على أن هذه المحافظة لا تعني كما يتوهمه البعض الوقوف عند حدود معرفة الأحكام الشرعية والقواعد اللغوية بل تفتح المجال لاستيعاب العلوم والفنون على اختلافها، لتكون ثقافتنا الإسلامية حينئذ ثقافة كاملة نطيق بها المساهمة في إقامة ركن الحضارة الجديدة كما ساهم أجدادنا بها في إقامة ركن الحضارة القديمة، وقد أصبح تعميم هذه الثقافة اليوم أمرا ضروريا، لأن حاجة البلاد تشتد شيئا فشيئا إلى رجال مؤمنين واعين متبصرين يقدرون المسؤوليات، ويعملون بإخلاص ويحسنون أداء الواجبات."

لقد كان تصور الملك محمد الخامس لإصلاح التعليم عموما والعتيق منه بوجه خاص، تصورا واضحا مبنيا على التجديد والتطوير لتخريج جيل من العلماء الجامعين بين متانة التكوين الشرعي والانفتاح على قضايا العصر وإشكالاته حتى يستطيعوا مجابهة التحديات المطروحة في وجه مجتمعاتهم، والسير بها في السبيل السوية الآمنة، إضافة إلى استلهام فعل السلف الصالح للأمة في محافظتهم على العقيدة وتمسكهم بالشرع الحنيف واستنادهم على ذلك في الإبداع العلمي والحضاري وعملهم لصالح أمتهم ولصالح البشرية كلها.

لقد كانت الأعمال العظيمة التي تحققت في فجر الاستقلال بتأسيس المعهد الإسلامي بتارودانت، خطوة عظيمة في بناء المجتمع والدولة المغربية، حققت أهدافا مختلفة منها:

تمكين طائفة كبيرة من طلبة المدارس العلمية العتيقة من مختلف مناطق المغرب من استكمال دراستهم، بل لقد تجاوز الأمر استفادة المغاربة منه بعد أن أقبل عليه الطلبة من خارج المغرب خاصة من السنغال وسيراليون ودول إفريقية أخرى.

تحقيق إجماع وطني ومحلي جهوي بخصوص العناية بالتعليم عامة والعتيق منه بوجه خاص، والعمل على خلق تعليم وطني محافظ على عقيدة الأمة وقيم الوطن، منفتح على العصر.

تجسيد التآزر بين ملك البلاد محمد الخامس رحمه الله وعلماء المغرب من خلال جمعية علماء سوس، ثم مختلف فئات الشعب من تجار وفلاحين وحرفيين..وغيرهم، فقد كان بناء المعهد فرصة لتحميس الناس وتأجيج مشاعر الغيرة الدينية والوطنية عندهم لبناء مستقبل أبنائهم وبلادهم.

وقد عبّر محمد المختار السوسي عن أثر تأسيس معهد محمد الخامس بتارودانت وأهمية ما حققه من إجماع وحماس، فقال:

"نرى في سنة 1377ﻫ انبعاثا جديدا من سوس يتجلى فيما تجده الآن من معهد تارودانت وفروعه كتزنيت وغيرها، فقد قامت الوزارة المشكورة بمد يدها إلى جمعية علماء سوس، فإذا بألف وسبعمائة من الطلبة السوسيين في المعهد الذي تجاوز مع السنوات الأولى إلى الثانوي، واستطاع ذوو الهمم السوسية من الأهالي، بما نفخه فيهم مولانا محمد الخامس، أن يفتحوا جيوبهم، فإذا بهؤلاء الطلبة، كأنهم داخليون يأكلون الوجبات الثلاث، ويتمتعون بالأوطية والأغطية، تحت نظر الجمعية التي قانت قياما مغبوطا بكل شؤون الطلبة، مع تربية إسلامية واقعية تماشي العصر، فأعلنت سوس بذلك أن سلسلتها العلمية لا تزال إلى الأمام، وأن الأحفاد تأثروا خطا الأجداد، فلتحيى سوس العالمة، وليحيى المغرب كله، وليحيى عرشه الذي ردت به الحياة إلى كل النفوس، ولتحيى المعاهد الدينية كلها متأثرة خطا أمها القرويين الخالدة. "

التحق الطلبة بالمعهد لاستكمال تكوينهم في العلوم الشرعية واللغوية والانفتاح على المعارف الحديثة والتصورات الفكرية المستجدة، وتحصيل الشهادات الدراسية، وقد مكنهم ذلك كله من التدرج في المستويات الدراسية العليا بمختلف أسلاكها وشعبها، ولم يكد يمر عقد من الزمن على افتتاح معهد محمد الخامس بتارودانت حتى كان طائفة من خريجيه محصلين لشهادات عليا في مجال العلوم الشرعية واللغوية والأدبية والفكرية والقانونية والعلمية البحتة، وحتى أصبحوا يسهمون في بناء وطنهم وخدمته، واستطاعت فئة منهم التميز في المجالات التي تخصصت فيها لتكون نموذجا للعالم المغربي الجامع بين المعرفة العلمية الشرعية والمطلع على الثقافة واللغات العصرية والأفكار الحديثة، مع العقيدة السليمة والأصالة المتينة، وقد دفع نجاح معهد محمد الخامس في التكوين العلماء إلى الاستبشار بإنجازاته والتفاؤل بمستقبله، قال محمد المختار السوسي منوها بالمعهد ومستبشرا باقتران تأسيسه باستقلال المغرب:

" أقول إن الزمان قد استدار بما تحبه سوس، فبرز بعد الاستقلال معهد منظم حافل يضم بين جنبيه هو وفروعه أزيد من سبعمائة وألف طالب.. فالحمد لله الذي آتانا الاستقلال على يد محمد الخامس، فأتانا منه كل ما يرام، وهل تروم سوس إلا انبعاث العلوم فيها."




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ثانوية محمد الخامس للتعليم الاصيل بتارودانت مع العلامة الحسن العبادي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تمازيرت اينو :: إقليم تارودانت :: المدارس العتيقة و الدينية إقليم تارودانت-
انتقل الى: