المهدي مالك الكاتب العصامي الذي أخرجته الكتابة من سجن الإعاقة

المهدي مالك الكاتب العصامي الذي أخرجته الكتابة من سجن الإعاقة

لم يكن مهدي مالك يتخيل أن يتحول إلى صاحب عمود في إحدى الأسبوعيات منتظمة الصدور في جهة سوس ماسة، فرغم إعاقته التي تَحْرمه من الحركة ومن الكلام، حاول المهدي
-بكل إصرار- أن يتحدى هذه الحواجز كلَّها إلى أن تحول إلى كاتب وهو على مشارف إصدار كتاب حول صوت المعاق المغربي، وهو أول تأليف من نوعه.

أصبح مهدي مالك، اليوم، يتواصل بشكل جيد مع كل المحيطين معه ومع العالم الخارجي، بفضل تعلمه الكتابةَ والقراءة. يُرجع مالك الفضل في كل ذلك إلى أبيه، الذي كافح من أجل أن يكون كسائر الأطفال، فأصر الأب على أن يتعلم ابنه الكتابة والقراءة. فرغم أن إعاقته تمنعه من المشي ومن الكلام ومن أن يمارس حياته بشكل طبيعي

فإن أسرته الصغيرة كانت سندا حقيقيا له (كان ثالثَ إخوته ورأى النور بمدينة الدار البيضاء سنة 1983، من أبوين يتحدران من منطقة «إيموزار إداوتنان»)، فقد تحول الأب إلى «صديق حميم لابنه مالك»، كما يقول عنه هذا الأخير في أحد الحوارات الصحافية وهي عبارات كتبها بخط يده، بعدما تعلم تقنية الكتابة على الحاسوب: «أراد أبي أن أتعلم القراءة والكتابة، كأي طفل مغربي، واستطاع أن يكون «صديقي» في فترة مراهقتي الحساسة وتمكن من إخراجي من متاهات التخلف التي كنت أعيش فيها آنذاك، إلى آفاق العلم والمعرفة، عبر وسيلة قراءة الجرائد، في أول الأمر، ثم الكتب في شتى الميادين، في مرحلة لاحقة».

في 31 أكتوبر 2005، نشر مهدي مالك أول مقال على موقع الكتروني وكان موضوعه هو القضية الأمازيغية، ومنذ ذلك التاريخ، وهو يكتب مقالاته وينشرها في مجموعة من المواقع داخل الوطن وخارجه. ورغم الصعوبات التقنية التي وجدها مالك في البداية، فإن تشجيع الأب وإصرار الابن سهَّلا كل الصعوبات، لأن مالك لا يستطيع أن يأكل لوحده بل يحتاج إلى مساعدة من والدته أو من أحد أفراد الأسرة ولا يخرج لوحده إلى الشارع، فضلا عن صعوبات أخرى في بقية تفاصيل حياته.

أصبح مالك قارئا نهِماً يقضي سحابة يومه في كتابة المقالات وفي الاطلاع على الكتب، وعندما يفرغ يفضل أن يستمع إلى الإذاعة أو مشاهدة التلفاز.
يستعد مالك، حاليا، لإصدار أول كتاب له تحت عنوان «صوت المعاق»، وهو عبارة عن سيرة ذاتية يحكي فيها مالك المعاناة التي يعاني منها المعاق في المغرب ويستعرض بين ثناياها المشاكلَ التي تعترض المعاقَ في محيطه الاجتماعي والتربوي.

يقول مالك، متحدثا عن كتابه: «إن كتابي يريد إيصال رسالة مفادها أن المعاق في البادية يحتاج إلى الرعاية من طرف الدولة، بجميع مؤسساتها وفعالياتها المحلية، بهدف وضع تصور وطني للنهوض بهذه الشريحة داخل الوسط القروي على كافة المستويات والأصعدة ومحاربة كل أشكال الحيف والتهميش والتخلف»

يهتم المهدي مالك كثيرا بالكتابة في موضوع الأمازيغية، سواء على المستوى الفكري أو ما يتعلق بالفنون الأمازيغية، كفن «الرّْوايسْ» وغيره من المواضيع. كما اهتم أكثر بوضعية المعاق في البادية المغربية، الذي يعيش وضعية قاتمة من التهميش والإقصاء