الحاج مصطفى النكير من طالب اقتصاد إلى طبّاخ لأطباق الملك الراحل الحسن الثاني
"الأنباء المغربية" التي سلطت الضوء على طباخ الملك الراحل الحسن الثاني، ويتعلق الأمر بالحاج مصطفى النكير الذي ترعرع وسط محيط شعبي مراكشي قادما من منطقة تافيلالت، قبل انتقاله إلى القصر لخدمة الملك الراحل الحسن الثاني.. وكان النكير يتابع دراسته في شعبة الاقتصاد لكنه ظل مرتبطا بمهنة والده ألا وهي الطبخ..
طباخ الملك قال في حوار مع "الأنباء المغربية" إن الحسن الثاني كان خبيرا في أصول الطبخ العالمي والمغربي، مؤكدا على أن الملك كان حريصا على اختيار الأكلات ويعطينا كمية التوابل التي سنتعتمدها في أطباقنا، وكل الأوامر التي تتعلق ببروتوكول تقديم الوجبات وغيرها.. مضيفا أن الملك الراحل كان مفتونا بأكل لسان الخروف وأذنين، وعاشقا للأكلات المغربية الأصيلة، نظير طاجين لحم الغنم بالخضر والبرقوق ويحب أكلة الكرعين والرأس المبخر.
ذات المتحدث أفاد أن الملك الحسن الثاني كان يسهر بنفسه على إعداد لوائح الطعام المخصصة لضيوفه.. وكل مرة لا يعجبه شيء كان يومئ بحاجبيه وقد كانت القشعريرة تدب في دوما يقول النكير. وفي ذات السياق أشارت الأسبوعية إلى أن الملك الحسن الثاني كان يحمل معه مطبخا كاملا على متن الطائرة أو الباخرة أثناء سفره لاسيما وأنه كان يفتخر بالمطبخ المغربي، ويدعو ضيوفه حتى وهو خارج المغرب، وبأمر بإعداد وجبات مغربية أصيلة لهم
يحتفظ مصطفي النكير، الطباخ السابق لملك المغرب الراحل الحسن الثاني، بدفتر يحمل توقيعات الشخصيات العربية والعالمية البارزة، الذين لم تكن تكتمل زيارتهم لمدينة مراكش دون أن يترددوا علي مطعمه المسمي بـ«لأمين» لتذوق مشاوي الخرفان ووجبة «الطنجيته».
ويستعيد «النكير» ذكرياته مع الملك الراحل الحسن الثاني، الذي اختاره طباخا له سنة 1983، بعد استغنائه عن طباخ سابق، قد أوصاه بأن يحافظ له علي مخ كبش عيد الأضحي، لكن الرجل التحق بعائلته لقضاء العيد تاركًا الوصية لمساعديه، الذين لم يلتزموا بها، واكتفوا بوضع رأس الخروف علي مائدة الملك خاليا من قطعة المخ. ويؤكد، أن «الحسن الثاني» كان مفتونا بأكل لسان الخروف والأذنين، وأنه لم يكن يتردد في التعبير عن ملاحظاته وانتقاداته للطباخين مباشرة بعد أخذ وجباته، سلبًا وإيجابًا.
وفي هذا الإطار، يتذكر نكير أنه سبق أن وضع خروفًا مشويًا علي مائدة الحسن الثاني، وبدأ الخادم في تقطيعه إلي قطع ليضعها علي أطباق ضيوف الملك، فما كان من الملك، بعد إنهاء الوجبة إلا أن توجه إلي نكير لينصحه بأن يقوم بتقطيع الخروف مباشرة بعد شيه بالمنشار الكهربائي، وإعادة شيه ليتجمع قليلا، فيسهل تقطيعه أمام الضيوف تلافيا لتطاير بعض الأجزاء الصغري علي أثواب الضيوف.
من غرائب الملك الراحل يترك هموم الحكم ومكائد السياسة وإكراهاتها والانصراف إلى أمكنة قد لا تخطر ببال أحد، فكان مثلا يتوجه إلى مطبخ القصر، وكانت به سيدة « شريفة » تنحدر من نواحي منطقة الريصاني مشرفة على جميع أنواع التغذية ذات الطابع المغربي الأصيل، هذه الأخيرة قالت ذات مرة شفت (في إشارة إلى الحسن الثاني) ما عمرني ما شفت بحالو »، لأن له ثقافة ودراية واسعة بالطبخ المغربي.. فكان مثلا يدخل عندها بالمطبخ ويطلب فراخ الحمام أو « دجاج بلدي » ملحا على حشوه بوصفات قديمة كادت تنقرض من قاموس الطبخ، ويحثها على استعمال « البصلة » ويخص « الحمرة » وليست « البيضة »، لأن النوع الأول بالنسبة للملك هو الذي يوافق الوصفة المطلوبة، كما يفاجئ من في المطبخ بكونها، أي الوصفة، تتطلب أيضا « الحلبة وراس الحانوت والزويتة بلدية ».
طلبات الملك في الأكل تنعكس على غرابته الشخصية أيضا، إذ يطلب أحيانا من المشرفة على الطبخ، « الرفيسة العمية » أو « العدس بالكديد » أو « باداز بالكرشة »، أما إذا حضر ضيف ما عند الملك فإنه يتوجه – حسب الباحث – إلى المطبخ مخاطبا المشرفين عليه « الله يرضي عليكم.. شوفو ليا شي واحد كايعمل سباكيتي مزيان بالفرماج روج (أحمر) ومعاه كذا وكذا.. »، هذا بالإضافة إلى حرصه حتى على أواني المطبخ، فكان مثلا يطلب استعمال « القفال » الذي يتوسط « البرمة والكسكاس » بغطسه في العجين حتى لا يتسرب الهواء من الآنية، ويطلب أيضا الطبخ في « الحمَّاس » وهو آنية خزفية كانت تستعمل للطهي في البوادي والمداشر.