ساكنة "إمي نتانوت" تستنكر وفاة مرضى وتطالب بمستشفى محلي
في سنة 2011 خاضَ عدد من سكّان مدينة إمي نتانوت وقفاتٍ احتجاجية للمطالبةِ ببناء مستشفى بالمدينة يضمنُ للسكّان حقَّ الاستفادَة من خدماتٍ صحيّة لائقة، خاصّة وأنَّ دستور 2011 ينصّ على أنّ الحقَ في العلاج والعناية الصحية من الحقوق الأساسية للمواطنين.
ومنذُ ذلك الحين وسُكّانُ إمي نتانوت ونواحيها ينتظرونَ أنْ يستجيبَ المسؤولون عن قطاع الصحة لمطلبهمُ المُلحّ، وإلى حُدود الآن ما زالَ هذا المطلبُ عالقا، رغمَ تلقّيهم وُعودا من طرف المسؤولين عن الصحة في الإقليم، إلّا أنَّ هذه الوعودَ لَمْ يجْرِ تفعيلُها لحدّ الآن.
"لقدْ حملْنا سيّدةً حاملا إلى هُنا لكيْ تلدَ، فطلبوا منّا نقْلها إلى شيشاوة، فاضطرتْ لوضْع مولودها في سيارة إسعاف قبل أن تبلغَ شيشاوة، واضطررنا لدفع 200 درهم لسيارة الإسعاف"، تقول سيّدة وهي تتحدث بغضب في مقطع فيديو صُوّرَ من وقفة أمامَ المركز الصحي بإمي نتانوت.
حوادث وضْع النساء الحوامل في الطريق، وأمامَ باب المركز الصحي بإمي نتانوت، باتَتْ أمرا "عاديا"، بحسبَ مناد بلال، وهُوَ من أبناء المدينة، بسبب ضعْف تجهيزات المركز الصحي، وافتقاره إلى الموارد البشرية الكافية، وذهبَ المتحدث إلى القول إنّ غيابَ مستشفى بإمي نتانوت أدّى إلى وفاة مرضى.
ويؤكّدُ محمد أمدجار، عضو منظمة "تامايْنوت"، بقوله إنَّ مرْضى توفّوا أمام المركز الصحي لإمي نتانوت، "آخرهم رضيعٌ في السنة الأولى من عمره ماتَ أمامَ باب المركز، وكانَ فقط بحاجة إلى الأوكسجين، لكنَّه ماتَ بسبب غيابِ المُداومة".
إضافة إلى ضُعف تجهيزات المركز الصحي، وافتقاره إلى الوسائل اللوجستية والموارد البشرية، فإنّ ساكنة إمي نتانوت ونواحيها لا تجد مكاناً للعلاج بعد الساعة الرابعة والنصف عصْرا، وهُوَ توقيتُ إغلاق أبواب المركز، كمَا ينصّ على ذلك القانون المؤطر للمراكز الصحية.
وبسبب غيابِ المداومة، تتفاقم معاناة ساكنة المنطقة، خاصّة وأنها تضم 24 جماعة، يوجدُ أغلبُها في مناطق جبلية، تبْعدُ عن مركز إمي نتانوت بما بين 40 و50 كيلومترا، لكنَّ قطعها يتطلبُ أربع ساعات، بسبب وعُورتها، وبعْد بلوغ المركز، يتوجب على المرضى قطع مسافة 45 كيلومترا أخرى للوصول إلى مستشفى شيشاوة.
غيْرَ أنّ المعاناة لا تتوقّف عندَ الحدّ، فمستشفى شيشاوة يعاني، بدوره، من خصاص في التجهيزات، بحسبَ مَنادْ بلال، الذي يقول باستغراب: "تصوّر شريحة سكّانية من 80 ألفَ نسمة لا تتوفّر على مستشفى؟"، ويضيف محمد أمدجار أنَّ مواطنينَ من دواوير تابعة للصويرة وتارودانت يقصدون بدورهم المركز الصحي لإمي نتانوت نظرا لقُربه.
الوقفات الاحتجاجية التي خاضها السكان المطالبون ببناء مستشفى محلي بإمي نتانوت، دفعت المسؤولين عن الصحة في الإقليم إلى الإعلان عنْ تشييد مستشفى بمركز المدينة، بتمويل من وزارة الصحة، بغلاف ماليّ حُدّدَ في 21.517.458.00، وكان من المفترض أنْ تنطلقَ أشغالُ بنائه يوم 15/07/2015، وهو ما حصل بالفعل، لكن سرعانَ ما توقّفت، وتبخّرتْ بتوقفها آمالُ السكّان.
فرع منظمة "تامايْنوت" بإمي نتانوت بادرَ إلى مراسلة وزارة الصحة، ومندوبية الوزارة، والبلدية، وعمالة الإقليم، للاستفسار حوْل أسبابَ توقّفِ المشروع، "لكننا لمْ نتلقّ أيَّ جواب"، بحسبَ ما أكّدَ محمد أمدجار وفي غيابِ أيّ جوابٍ رسميٍّ، تناسلتْ عددٌ من الأجوبة، ألقتْ بمزيدٍ من الضبابيّة حوْل الموضوع، وظلت الحقيقة مُحاصرة بالسياج المُحيط بالوعاء العقاري الذي كانَ مفروضا أنْ يُشيّدَ عليه المستشفى.
وفي الوقت الذي انسدّتْ فيه الأبواب أمامَ ساكنة إمي نتانوت المطالبة ببناء مستشفى محلي، لجأَ عدد من أبناء المدينة إلى مواقع التواصُل الاجتماعي، فأنشؤوا صفحة على موقع "فيسبوك"، عسى صوتَهُم يصل إلى مسؤولي الصحّة على الصعيد المركزي.
ويبْدُو أنَّ الاحتجاجات التي خاضها سكان المدينة، والتي توقّفتْ بعد الإعلان عنْ مشروع بناء مستشفى محلي سنة 2011، تلوحُ عوْدتها في الأفق، حيث قال أنير بالا، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في هذا الصدد، إنّ فعاليات جمعوية وحقوقية ومواطنين يحضرون لتأسيس لجنة محلية "تسهر على اتخاذ كل الخطوات التي تراها ملائمة لتحقيق مطلبها المشروع"، وفق تعبيره.