الخدمات الصحية المتردية بجماعة أساكي دائرة تالوين ضواحي تارودانت

الخدمات الصحية المتردية بجماعة أساكي دائرة تالوين ضواحي تارودانت



في ضواحي تارودانت، تقع الجماعة الترابية "أساكي"، وهي تابعة لنفوذ دائرة تالوين، يتجاوز عدد سكانها 9000 نسمة، ويغلب على تضاريسها الطابع الجبلي، يعيش أغلب سكانها على الزراعة المعيشية والرعي واستغلال المنتوج الغابوي. تبعد عن مدينة أكادير بحوالي 189 كيلومترا، وبـ 186 كيلومترا عن مدينة ورززات.

الخدمات الصحية المتردية بهذه القرية تنضاف إلى جملة المعاناة التي تكابدها الساكنة في مختلف مناحي الحياة؛ ما جعلت الأهالي يرفعون أصواتهم، في مناسبات كثيرة، من أجل التنبيه إلى هذا الواقع الموصوف بـ"المرير".

المركز الصحي الوحيد المتواجد بالجماعة الترابية "أساكي" أشبه ببناية يتيمة، لن يُخيّل للزائر أنها تُقدم خدمة ما، وغاليا ما تُصادف العديد من النسوة برفقة أطفالهن يتوسّدن الأرضية المحاذية لهذه البناية، في طوابير انتظار تمتدّ لساعات، غالبا ما تنتهي بالعودة بخفّي حنين، دون الاستفادة من أية خدمة صحية.



هيئات المجتمع المدني والمنتخبون بـ"أساكي" سبق وأن رفعوا أصواتهم عاليا عبر مراسلات إلى كل المصالح المعنية بقطاع الصحة، إقليميا ومركزيا، غير أن آذان تلك الجهات ظلت صمّاء، لم تدخل بعد معاناة الساكنة ضمن اهتماماتها، على الرغم من كون الساكنة تُذوق كل أنواع الآلام، ويزيد غياب الخدمة، أو سوؤها في أحسن الأحوال، من حجم النقائص التنموية المؤثثة للمشهد العام بهذه الربوع.

عبد الله نديوس، فاعل جمعوي بـ"أساكي"، قال إن "الساكنة المحلية لم تعُد تُطيق حجم الإقصاء الذي تعاني منه، وظل المجتمع المحلي، بكل فئاته، يُعاني في صمت أمام الغياب شبه التام للاستفادة من أبسط الحقوق التي تضمنها كل القوانين والتشريعات الوطنية والدولية، ألا وهو الحق في الصحة".

وعن المشاكل التي ظلّت تؤرّق بال ساكنة "أساكي" في قطاع الصحة، حددها المتحدّث في "كون المركز الصحي الوحيد بالمنطقة عُيّنت به في السابق طبيبة واحدة، بالإضافة إلى ممرضة، وبعد استقالة الممرضة، ظلت الغيابات المتواصلة للإطار الطبي الوحيد تزيد من وطأة معاناة طالبي الخدمة الصحية، حيث تنغص رحلات المطالبة بالعلاج عيش الساكنة".

مستوى الاستهتار بحياة الساكنة المحلية تجسّده بجلاء وفاة رضيع يبلغ عمره حوالي تسعة أشهر، في الأسبوع الأول من شهر يناير من سنة 2018، بسبب ضيق في التنفس، بعد نقله إلى المركز الصحي ومنه إلى تالوين، نتيجة غياب من يُسعفه في اللحظة المناسبة، وفقا للمتحدّث، "أضف إلى ذلك كون هذه المؤسسة الصحية يقصدها سكان جماعات مجاورة عدة، كتزكزاوين، أزرار وجماعة أزغارنيرس".

غياب الأطر الطبية بالمركز الصحي في "أساكي" دفع 17 هيأة من الجمعيات المحلية إلى مراسلة وزير الصحة للمطالبة بـ"تحسين الخدمات الطبية بهذا المركز، عبر الإسراع بتعيين طبيب، يضمن استمرار أداء هذا المرفق لوظيفته العادية، وبالتالي إنقاذ الساكنة المحرومة من حقها في العلاج والتطبيب، والمساهمة في ردّ الاعتبار للأهالي، الذين فضلوا الاستقرار بالمنطقة بدلا من الهجرة نحو المدن والهوامش".

من جهته، وصف سعيد القوام، رئيس الجماعة الترابية لـ"أساكي"، واقع الصحة بجماعته بـ"الكارثة"، أن "الساكنة تُعاني من تدني الخدمات الصحية، جراء غياب من يُقدم الفحص والعلاج للمرتفقين، بعد انقطاع طبيبة عن تأدية مهامها بشكل نهائي".

وأضاف المسؤول الجماعي ذاته: "وجّهنا مراسلات عديدة إلى المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بتارودانت، وقدّمنا ملتمسات شفوية وكتابية، وعقدنا لقاءات متعدّدة مع المسؤولين عن القطاع إقليميا، للاستفسار عن هذه الوضعية، والتداول بشأن الحلول الممكنة، لكن بدون جدوى، لتبقى الساكنة تواجه هذا المصير المفروض عليها قسرا لوحدها".

سعيد القوام أورد، أن ساكنة الجماعة "أصيبت بإحباط شديد جراء هذا الوضع المؤسف واللاإنساني الذي لم يعد بالإمكان تحمّله، والذي يتنافى مع مقتضيات المادة 32 من الدستور المغربي، وألتمس من الوزارة الوصية الالتفات إلى ساكنة جماعة أساكي، بالتعجيل في إعادة النظر في مستوى الخدمة الصحية المقدمة، وفتح تحقيق في موضوع غياب إطار طبي".

هو إذن واقع مرير تئن تحت وطأته أسر جماعة "أساكي"، سمته البارزة استمرار تكبّد معاناة التنقل نحو المناطق المجاورة من أجل الوصول إلى خدمة صحية ذات جودة، وهو المطلب الذي مازالت الساكنة تحلم بتحقيقه عبر تعيين الأطر الصحية والطبية الكافية بالمركز الصحي، وتجهيزه بالمعدات والتجهيزات الضرورية