جماعة تغبالت تعاني في صمت من أفقر
تصنف جماعة تغبالت، الواقعة بالنفوذ الترابي لإقليم زاكورة، ضمن المناطق المهمشة والفقيرة على مستوى الإقليم، تتجاوز نسبة البطالة فيها 50 بالمائة، حسب إحصائيات غير رسمية سكانها يعتمدون على عائدات أبنائهم من الجالية المقيمة بالخارج، وعائدات أبنائهم الذين يهاجرون إلى مدن الشمال حيث يمتهن أغلبهم "الحمالة" و"حفر الآبار" من أجل لقمة عيش أسرهم.
هذه الجماعة هي واحدة من الجماعات الترابية المنتمية للنفوذ الترابي لقيادة تزارين، ويبلغ مجموع عدد سكانها، حسب إحصائيات 2014 للمندوبية السامية للتخطيط، 10.053 نسمة، و"تتواجد بمنطقة صحراوية ترتفع فيها درجات الحرارة في فصل الصيف إلى أزيد من 45 درجة، وتتميز بغياب فرص للشغل ومرافق للشباب تقيهم من شر الانحراف"
التنمية المفقودة
"جميع مناطق إقليم زاكورة تتمتع بثروات ثقافية ومعدنية وباطنية وتاريخية وفلاحية، لكن القائمين على تدبير شؤون هذه المناطق بعيدون كل البعد عن إيجاد حلول والتفكير في إمكانية استغلال هذه الثروات في إحداث قفزة نوعية في التنمية"و أن منطقة تغبالت تمتاز بمجموعة من المتناقضات، خصوصا على المستوى التنمية المفقودة
وأضاف المتحدث ذاته أنه "على الرغم من ثراء منطقة تغبالت طبيعيا وايكولوجيا، فإنها في المقابل تعيش أزمة تنمية خانقة"، مرجعا ذلك إلى ما سماه بـ "الحسابات السياسوية والانتخابية الضيقة التي تقف دائما، وخصوصا بهذه المنطقة، حجرة عثرة أمام أي تحرك تنموي"، داعيا القائمين على الشأن المحلي إلى "تنمية أنفسهم أولا، والتوافق على رؤية واضحة من أجل تنمية منطقتهم"
وعلى ضوء التنمية المفقودة بهذه الجماعة التي تضم 11 دوارا، يرى المتحدث ذاته أن على السلطات الإقليمية والقائمين على تدبير شؤون المنطقة "الاستعانة بخبراء ومتخصصين في المجال التنموي، لاقتراح بدائل لإخراج هذه المنطقة من الوضع الصعب الذي تعيشه، والعمل على تهيئتها تهيئة سليمة تستجيب لقدراتها وتطلعات ساكنتها".
نعيمة، إحدى القاطنات بدوار تلاكلاو بمركز تغبالت، لم تخف أن جميع الدواوير التي تنتمي إلى جماعة تغبالت "تعاني من غياب شبه تام للتنمية على جميع المستويات"، قائلة: "على المجلس الجماعي التفكير في إحداث التنمية بالمنطقة، وإحداث جميع المرافق الإدارية والشبابية، والترافع من أجل تجهيز المستوصف المحلي بجميع التجهيزات والأطر الطبية وشبه الطبية، وعدم الاكتفاء بصباغة واجهة بناية الجماعة".
و أن الوضع التنموي الحالي الذي تعيشه تغبالت رغم بعض المشاريع المحسوبة على رأس الأصابع، "يستوجب استنفار جميع الجهات والجمعيات المدنية لمطالبة الجماعة والمجالس المنتخبة الأخرى بالتدخل وإعطاء المنطقة نصيبها من المشاريع التنموية"
غياب المرافق العمومية
الجماعة الترابية تغبالت تفتقر إلى مرافق عمومية أساسية مثل القيادة، المحطة الطرقية، والسوق الأسبوعي النموذجي و أن المنطقة في أمسّ الحاجة إلى محطة طرقية للحافلات وسيارات الأجرة للدفع بعجلة التنمية التي تعوق مسامير التهميش وسوء التدبير حركيتها
و أن مركز الجماعة القروية تغبالت، رغم المشاريع المهيكلة التي انطلقت فيه مؤخرا، مازال يعاني ركودا تنمويا في مجموعة من القطاعات كالصحة، والنقل، وشبكة المياه العادمة التي مازالت غالبية الأحياء تفتقر إليها وتستعمل الآبار التقليدية عوضا عنها، والتي تهدد الفرشة المائية المتبقية بالتلوث.
وأن المجلس الجماعي يقوم بمجهودات كبيرة من أجل تنزيل برامج تنموية بمختلف مناطق الجماعة، إلا أن الميزانية المحدودة وضعف الشراكات القطاعية لا يسمحان بتلبية متطلبات الساكنة؛ ما يجعل مطلب الانفتاح على القطاعات الوزارية ملحا واستراتيجيا.
و أن التنمية بالمنطقة تحتاج إلى تشاور موسع بين مختلف الفاعلين في مختلف المجالات، مشيرا أن مؤسسة واحدة غير قادرة على رفع تحدي انتشال المنطقة من التهميش والهشاشة التي تعيشها منذ عقود، وهو ما يقتضي توسيع دائرة الإشراك في صياغة برامج تنموية تستدرج الجميع وتشرك مختلف شرائح المجتمع المدني بتغبالت.
رؤية تنموية
و إن الحاجة إلى مخطط تنموي واضح المعالم، يقوده الفاعل السياسي بتنسيق مع الفاعلين الترابيين بمختلف مستوياتهم وبشراكة مع فعاليات المجتمع المدني، ملحة ومصيرية لتحقيق إقلاع تنموي يأخذ بالخصوصية السوسيو-مجالية لهذا المجال الترابي، وينهل من جذوره التاريخية المتنوعة وموقعه الجغرافي المتميز.
و أن هذا "يقتضي بالضرورة إرساء آليات محلية لقيادة التنمية تنفتح على المخططات التنموية الإقليمية والجهوية والمركزية"، والتمس من المجلس الجماعي الحالي "تبني رؤية تنموية واضحة المعالم، والبحث عن شراكات تمويلية لإخراج المنطقة من التهميش والفقر الذي تعاني منه لسنوات، رغم ما تم إنجازه من قبل المجلس السابق"